تتناول هذه الورقة أهمّ الدراسات المستقبلية العربية، وتقوم بتحليل أبعادها النظرية والمنهجية والتنظيمية، متوقّفةً عند المخرجات والحصيلة النهائية لكلّ منها، سواء في ما يتعلّق بالتوعية بأهمية استشراف المستقبل وتوجيه الجهد العلمي نحوه، أو بالقدرة على اشتقاق بدائل مستقبلية قريبة من الواقع، أو القيام بدورٍ ملموس في ترشيد التطورات المجتمعية وتبصير النُخب السياسية وصنّاع القرار. كما تتناول الورقة، درسًا وتحليلًا، العوامل التي تقف خلف الحصيلة الكلّية المتواضعة لتلك الدراسات في البُعدين العلمي والمجتمعي، وبخاصة في ما يتّصل بإخفاق معظمها في اشتقاق سيناريوهات قريبة من الواقع، لتنتهي إلى أنّ ذلك يعود بدرجة رئيسة إلى انطلاق الدراسات المستقبلية العربية والتزامها مسلّمات الاتجاه المادي الوضعي، وهو ما أحدث تداعياتٍ سلبيةً في عمليات التحليل، ومجالات التركيز والاهتمام، ومن ثمّ في اشتقاق البدائل، وفي مُجمل العائد المتحصّل منها.