ظهرت تقنية بناء السيناريوهات في عُقب الحرب العالمية الثانية، بوصفها مقاربةً منهجيةً للتخطيط الإستراتيجي العسكري لا تُضاهى، ثمّ تطوّرت لتصبح مقاربةً منهجيةً أساسيةً في استشراف المستقبل منذ خمسينيات القرن العشرين وستينياته؛ إذ شهدت حينئذٍ تشعبًا نظريًا وإبستمولوجيًا كبيرًا. وتُعنى هذه الورقة بدراسة الخيارات المعرفية والمنهجية في بناء السيناريوهات لدى المدارس الاستشرافية المختلفة، محاولةً الغوص في آليات بناء السيناريوهات في الاستشراف الحديث، ساعيةً لتسليط الضوء على الفوارق المنهجية الجوهرية في الأسس والأساليب التي تُمارس بها تقنية السيناريوهات، بخاصّة بين المقاربتين الحدسية/ الكيفية، والاحتمالية/ الكمّية. كما تسعى هذه الدراسة إلى مقاربة بعض المحاولات العربية في الاستشراف وبناء السيناريوهات، واختبار قدرة هذه المحاولات على التأسيس لمدرسة استشرافية عربية رائدة.