في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تطوّر بالتدريج نمط من التفكير اتّخذ في العموم من المنهجية العلمية سبيلًا لاستشراف المستقبلات. وجرّاء انتشاره في عالمي الشمال والجنوب، وإن بمستويات متباينة، صار هذا التفكير ظاهرة عالمية على مدى واسع وعلى مستويات شتّى للحياة جزئية وكلّية. ومع ذلك، فقد أفضى تعدّد الخلفيات التي ينطلق منها المستقبليون إلى أن تقترن تطبيقات هذا التفكير بإشكاليات أساسية أدّت إلى تباينات مهمّة فيما بينهم. وإذ تتناول هذه الورقة دراسات المستقبلات من منظور إشكاليات المفهوم ومقاربات التوظيف، فهي تسعى على وجه الخصوص إلى المساهمة في تأجيج ثقافة الانحياز إلى المستقبل داخل وطننا العربي، تفكيرًا وتطبيقًا، وخدمة لمستقبل أفضل، ومن ثمّ، الحدّ من الموقف السلبي الذي تتبنّاه شرائح عربية واسعة حيال فكرة الاستعداد المسبق للمستقبل ابتداءً من الحاضر.