أضحى تعقّب التوجّهات المستقبلية الكبرى والصغرى للتغيرات الظرفية والهيكلية في مختلف الأنساق البشرية يستند اليوم إلى مجموعةٍ من المسلّمات المنطقية والتجارب المتراكمة والمعطيات الميدانية والدراسات الموثّقة والقوانين العلمية والأدوات المنهجية والمراصد الإحصائية وورشات الاستشراف الإستراتيجي؛ ومنها استناده إلى "مؤشّرات قياس التغيرات" التي يعتمدها الباحثون المستشرفون والمؤسّسات المتخصّصة في عمليات الاستشراف، والتي تغطّي قطاعاتٍ ومجالاتٍ حياتية عديدة ومتنوعة. وعلى الرغم من الجدل الأكاديمي والعملي بشأن جدواها وملاءمتها النسبية في تعقّب مستقبلات مختلف الظواهر المستشرفة، بخاصّة أنّها لا تخلو من التحيّزات المعرفية والأيديولوجية والثقافية والمصالحية، تمثّل تلك المؤشّرات أهميةً قصوى متنامية في تمكين ورشات الاستشراف الإستراتيجي ورسم سيناريوهات مستقبلية للكيانات المستشرفة. ومن ثمّ، تحاول هذه الورقة الإلمام بإشكالية "صناعة" المؤشّرات، وأهدافها، وكيف تتمّ صناعتها واعتمادها ضمن ورشات الاستشراف الإستراتيجي.